الطفلة زينب تعيش في جو عائلي حققته لها الممرضات لتعويضها عن أمها التي انجبتها في عملية مستعجلة ثم لاذت بالفرار من دون أن تعطي معلومة صحيحة تدل على هويتها الحقيقية، وحتى اسم الطفلة "زينب" كان مستعاراً من اسم والدتها التي تركته لدى موظف الاستقبال فور وصولها في حالة صعبة، علماً ان الأطباء فضلوا اجراء العملية المستعجلة لدى المرأة التي جاءت وحيدة على انتظار البيانات والوثائق الرسمية، وهو ما ينص عليه القانون في مثل هذه الحالات الحرجة التي قد تؤدي للوفاة إن لم يسارع الأطباء في عمل اللازم.
ولم تولد زينب كبقية الأطفال الذين تتسارع أمهاتهم وآباؤهم لمعرفة شكل المولد الجديد، فعلى رغم من عدم معرفة الطفلة بأن أمها التي انجبتها هربت بعد الولادة، إلا ان كل ممرضة في قسم الحضانة تتعامل معها على أساس انها بنتها.
وتمكنت الرضيعة من استقطاب حب مسؤولي المستشفى في شكل عام، ف"هي حديث كل المنتسبين له" حسب أحد الأطباء الذين يكثرون من زيارتها وملاعبتها، مشيراً إلى ان حالتها الصحية جيدة، كما أنها تخلو من الأمراض الوراثية.
وزينب التي لا تفارق البسمة وجهها تحبها الممرضات حتى من يعملن في أقسام أخرى، وتقول احداهن: حين أنهي عملي أتوجه للجلوس مع زينب وألاعبها، فأشعر ان براءتها مختلفة عن بقية الأطفال، مضيفة "نقوم بشراء الأشياء التي لا تتوفر في المستشفى، مثل الملابس والكريمات الخاصة بالأطفال وكذلك الحفائض".
وتؤكد عدد من الممرضات ل"الرياض" ان الطفلة التي ستغادر المستشفى الاسبوع المقبل إلى دار الايواء حسب النظام قد ملأت قلوبهن بالبهجة والحب ولم تكن عبئاً عليهن طيلة الستة شهور، إذ تقول احدى الممرضات "يومياً احدث زوجي عنها، فأنا اعتبرها كابنتي تماماً منتقدة ما فعلته أمها بها.
وتبدي الممرضات استغراباً كبيراً من الأمهات اللاتي يلدن أطفالاً ويضعهن على أبواب الجوامع، أو يلدنهن في المستشفيات ثم يهربن، وتضيف ممرضة: أكثر ما يسوؤني يكمن في مشاهدة طفلة كزينب المرحة ستعيش من دون أن تتعرف لأمها وأبيها.
وعلى رغم أن زينب تحظى برعاية خاصة من قبل منسوبي الادارة الذين يعطفون على حالتها إلا ان حيرة المستقبل تقفز لذهنك فور النظر لها، إذ تظهر الأسئلة المباغتة، متذكراً أطفالك أو أقرباءك الصغار الذين ينعمون بمشاهدة أبويهما، حينها لا تمسك عيناك الدموع، وحين تحملها وتضحك الطفلة في وجهك تشعر أن ما فعلته أمها بها "عمل في غاية السوء"، بيد أنك قد تكون جدياً في مأساتها فتكفلها لحد سن تسع سنين ثم تعيدها للمؤسسات الرسمية الخاصة.يشار إلى ان حالات الولادة مجهولة الأم والأب لا تشكل ظاهرة في استقبال مستشفى القطيف المركزي، إذ تشير احصاءات إلى أن النسبة لا تتعدى الواحد في المئة.