مدرستي القديمه
في ذلك الصباح لبست قميصي الازرق وخرجت مبكراً إلى المدرسه,وفي طريقي كنت اردد على نفسي بيتين من الشعر أمرتنا المعلمه بحفظهما عن ظهر قلب,دخلت الفصل فوجدت هند تجلس على مقعدي,هجمت عليها صارخاً:"هـــنــد!!!قومي من مقعدي!!" هزت كتفيها وقالت في هدوء وهي ترتب أقلامها:"بل هو مقعدي ,سبقتك إليه"..
دخلت المعلمه,فجلست في المقعد الجانبي وانا افكر كيف انتقم ,,,سألتني هند:"هل حفظت الشعر؟؟"
فلم ارد عليها,,ثم أعادت السؤال عدة مرات,فقلت:"نعم"..
بدأنــانرسم جدولاً للكلمات كما تفعل المعلمه على السبوره,كانت هند ترسم بسرعه ومهاره,وتطل على دفتري بعد كل خط أخطه,وجدت صعوبه في رسم الجدول,فمسطرتي مكسره,اشتريتها بالأمس فقط,وخفت أن اخبر أبي اني كسرتها,,
عندما انتهت المعلمه,وضعت هند قلمها وهمست لي في سخريه:"مـــازلت ترسم!!لقد سبقتك!"
ثم سحبت من محفظتها مسطره جديده وقالت لي:"عندي مسطرتان,خذواحده!!"
ترددت في تصديقها,ثم نظرت إليها في سرور,تناولت المسطره وقلت بصوت خافت :"شكراً"..
بدأ أستظهار الشعر,وأخذت المعلمه توبخ من لم يحفظ ابيات الشعر,أما هند فقد استظهرت البيتين بصوت عالٍ وبثقه وطلاقه,فأثنت عليها المعلمه وفرحت بها,ثم جاء دوري,وقبل أن أُنهي البيت الأول نادت هند للمعلمه:"ليس كذلك!!لقد أخطأ!",,
قالت لي المعلمه:"أعد!",,
خفت كثيراً,وأعدت البيتين في حرص وترقب,لم استطع ان استرجع أنفاسي حتى قالت لي المعلمه:"أحسنت!".
عند عودتي من المدرسه كانت هند تمشي ورائي وتتبع خطواتي,فإن أسرعت أسرعت,وإن توقفت توقفت,حتى إذا أقتربنا من البيت.طــارت تركض أمامي كالريح,وهي تقول":سأسبقك!",غضبت وجريت بقوه محاولاً اللحاق بها,لكنها كانت أقرب إلى باب منزلها,فدخلت وهي تضحك فرحة بإنتصارها....كالعاده!!
كنت جائعاً,جلسنا نتناول الغداء بينما كان أبي يكتب أرقاما في دفتر صغير,فهو يحب الحساب ويحب أن يساعدني في تمارين الحساب,أنا أيضا بدأت أحب الحساب منذ أسبوع حين تفوقت على هند في مادة الحساب,,
أمرني أبي ألاأذهب إلى المدرسه مساءً,فقلت في نفسي:"الحمدلله,لقد تخلصت من هند!"
رأيت أمي تجمع كل الملابس في صناديق,وتضع الأواني في أكياس,حتى الثلاجه اخرجتها من مكانها,وكانت اخواتي تساعدها وهي تقول لهن:"أسرعن!الشاحنه ستأتي بعد ساعه"..
ركبنا في سيارة أبي وكانت الشاحنه تتبعنا حتى وصلنا إلى مدينه جديده ودخلنا إلى بيت جديد..
شعرت وكأني في عطله,في اليوم التالي ,أستيقظت على صراخ أخي الصغير ولم أتناول إفطاري بسبب ألــم في سني,أخذني أبي إلى مدرسه جديده!!
إنه معلم وليست معلمه,والأطفال يلبسون أقمصه خضراء!!
جلست منفرداً في مقعد خلفي وطول الصباح لم أكلم أحداً ولم يكلمني أحد,كنت خائفاً,,
في طريق عودتي ,فتحت الباب وما كدت أرى أمي حتى أرتميت نحوها وأجهشت بالبكـاء ,فأحتضنتني قائله:"لاتخف يابني,سأذهب بنفسي معك ولن تشعر بالألم بعد اليوم!",صحت في لهفه :"حقاً أمي؟ستأخذينني إلى مدرستي القديمه؟"..
نظرت إلي في دهشه ثم أجابت:"سأخذك إلى طبيب الأسنان!!"